واجهات المباني هي لا تعبر عن الجانب الفني للبناء فقط بل إنها تجسد نوع النمط السائد وثقافة المكان بل والعصر التي تنتمي إليه، لذلك نجد المهندسين يتنافسون بشدة لإبتكار وتصميم الواجهات المعمارية الحديثة ترقى لتكون أفضل ما يعبر عن العصر الحالي. كما من الرائج أن الفن المعماري الحديث تطور بشكل جذري و تغيرت مفاهيمه وأساليبه بل وحتى الخامات ومواد البناء مما أحدث تنوعاً ثريا في تشكيل الواجهات منها بأشكال غير إعتيادية ومنها بتقنيات أكثر غرابة.
عكس الذي ساد في العصور السابقة حيث المباني خصوصا الواجهات تعتمد على الزخرفات المكتظة والكثيرة لكي تبرز فخامتها، أما الآن فتركيز المعماريون تغير إلى المساقط وتوظيف مبدأ المهندس مثلا إن كان بيئي أو وظيفي، وهذا بعد إستحداث الهندسة المعمارية وأساسياتها. في هذا المقال نرصد كل هذه النقاط وندعمها بمشاريع أبهرت الكثيرين.
الواجهات المعمارية الحديثة
منذ بداية القرن العشرين برزت توجهات كثيرة للمهندسين وكانت متغير تماماً على الفكر الهندسي السائد قبلها، والشيء الأكثر وضوحا هو تجريد الواجهات المعمارية الحديثة من الزخارف وكثرة التفاصيل بالمقابل تم التركيز أكثر على طرق مبتكرة لحل جميع مشاكل التصميم الهندسي المختلفة شيء أساسي عكس زخرفة الواجهات المعمارية.
كما يطلقون عليه إسم تحرير الواجهات حيث تم التخلص من مبدأ الدور الإنشائي للواجهة المتمثل في الجمالية التي تمنحها للمبنى والدور البيئي المتمثل في عزل الوسط الداخلي للعمارة على البيئة المحيطة. بذلك فصلت الواجهات عن الأنظمة الإنشائية وتم ضمها لنوع أكثر حداثة وفعالية أمام التحديات الهندسية المختلفة حيث ابتكر المهندسون العديد من الأنواع منها الواجهات الستائرية (Curtain Wall) هذا التوجه ساد بسبب تطور التقنيات الحديثة والمتمثلة في وسائل التكييف وأجهزة التدفئة.
لذلك أصبح من الضروري تغيير التقييم المعتمد على جمال الواجهة ومدى زخرفتها الفنية إلى هل الواجهة تحقق أهدافها الإقتصادية وهل تواكب التطور والتقنيات الحديثة ومدى ملائمتها للبيئة وثقافة المنطقة، هذا ما جعل نظرة المهندس تختلف من جهة مفهوم الواجهات والحوائط في السابق كانت عبارة عن أنها الواجهة التي لا بد من أن يكون جمالها معبر في حين الآن اختلف ذلك أصبحت عبارة عن غلاف خارجي لا بد من أن يحقق أهدافه الوظيفية أكثر.
النمط الحديث في الواجهات المعمارية
النمط الحديث للواجهات هو فترة تغير في التوجهات المعمارية الهندسية، يشمل العديد من المدارس الهندسية والأساليب المعمارية تشترك في كونها لها خصائص متشابهة وفكر متقارب، وأكثر ما تشترك به اهو إعتماد مبدأ تبسيط الأشكال والابتعاد عن الزخرفة مما أنتج الواجهات المعمارية الحديثة، من أبرز الصفات في هذا النمط التصميمي الحديث:
- الابتعاد عن الزخرفة وكثرة التفاصيل، واستبداله بالعمل على مبدأ البساطة في الأشكال سواء للمبنى كله أو الواجهة، وهنا يستعمل المهندس الأشكال الهندسية المشهورة بكل وضوح مما يظهر جمال وتميز الحيز ومن ناحية المواد المستخدمة في النوافذ والأبواب.
- حداثة المواد والتقنيات المستخدمة في التشييد والبناء، مثلا الاعتماد على الأعمدة الحديدية في بناء الهيكل أما الكتل الخرسانية تستخدم كمواد للتشطيب، وأيضاً استخدام الدعامات الحديدية وسط الأعمدة وهذا بغية ترك مساحات مفتوحة بين الأعمدة لتستغل لاحقا بسهولة.
- الاعتماد على فكرة الاتصال البصري بين كل من المساحة الداخلية للمبنى والواجهة والموقع الخارجي، وهنا يستعمل المهندسون الزجاج بشكل واسع ويشمل مساحات شاسعة من ناحية لتكوين إطلالة رائعة خصوصاً إن كانت تحوي مناظر الطبيعية والسبب الثاني لتوفير أكبر قدر من الاضاءة الطبيعية.
- من ناحية الداخلية تم التركيز على أن تكون المساحات الداخلية مفتوحة على بعضها، والتقليل من استخدام الجدران خاصة في الشركات والاستغناء عن تقسيم الحيزات والمساحات الداخلية لكي تصبح حيز واحد و كتلة عملية متناسقة ومنفتحة لذا هنا يجب الاعتماد على النوع الزجاجي للواجهة ليعكس هذه الوحدة الهندسية.
- عدم استعمال المبادئ الهندسية القديمة أولها مبدأ التناظر سواء في تصميم الواجهات أو التقسيم الداخلي للبناية نفسها.
النمط المعاصر
هو التوجه الأحدث للهندسة وتصميم الواجهات المعمارية الحديثة، ومن أهم ما يعتمد ويتأسس عليه هذا الطراز مايلي:
الاعتماد على أسلوب الخطوط الناعمة واستعمال الأشكال الهندسية، وهنا يقوم المهندس المحترف إلى تطويع الشكل الهندسي بما يخدم فكرته حيث يدمجها مع أشكال أخرى أو يغير فيها ليتحكم أكثر في اتجاهاتها لحصل في الأخير على واجهة مبتكرة.
نجد أن هذا النوع أصبح أكثرميولا للبيئة وهو نمط المباني الخضراء، يركز فيه المهندس على تجسيد مبدأ كفاءة استخدام مختلف العناصر والطاقة بحيث تخدم مفهوم الاستدامة و استعمال المواد الصديقة للبيئة قدر الإمكان منها قليلة انبعاثات الكربون حتى في الشكل تكوين مبنى مندمج مع البيئة المحيطة به حيث يكون وكأنه جزء منها ويكثر في هندسة المنتجعات والفنادق.
منح الحيزات الفارغة أهمية تعادل العنصر المشكل للواجهات، حيث يصممها المهندس مع أخذ في عين الاعتبار أنها تجسد كل من العنصر والفراغ مرة واحدة مثلا فراغ النافذة في نفس الوقت لا بد أن يكون إطارها وشكلها يخدم فكرة المبنى مثلاً المبنى يعتمد على الخطوط المنحنية لذلك النوافذ الدائرية هي الأنسب.
الواجهات من النوع المتحرك
اليوم تمر الواجهات المعمارية الحديثة بمرحلة جديدة تجسد فيها كل الحلول الهندسية المتاحة والتي تعدت كونها جمالية بل شملت الوظيفية والبيئية، هذا هو النمط المعتمد حاليا من طرف المعماريين مهما تعدد موقفهم وفكرتهم. وكل هذه النقلة في عالم المعمار سببتها الثورة التقنية التي بسطت تحقيق أعقد الأفكار التصميمية من ناحية الأنظمة والأجهزة أو حتى مواد البناء.
وأفضل مثال عن ذلك هو الواجهات المتحركة من خصائصها أنه يمكن تحريك عناصرها وفق اتجاه الشمس. كما تتعدد المواد المبتكرة التي لها القدرة على تغيير طبيعتها لأفضل عزل ممكن، بالإضافة إلى تقنيات التي تعتبر إبداع في المجال الجمالي هي إضاءة الواجهات وفق نظام (LED) وأيضاً نوع المواد الخفيفة التي تتمتع بالشفافية وهي العازلة في وقت واحد (ETFE) وكل يوم تبتكر العديدمن التقنيات والمواد المبتكرة ويتم توظيفها في تصميم وهندسة الواجهات.
وظائف الواجهات الحديثة
من خصائص الواجهات المعمارية الحديثة أنها تحقق عدد كبير من الوظائف زيادة على الجمال التصميمي الذي تتميز به، وما حفز ذلك يرجع للهدف من تصميمها وهو الوصول إلى اقتصاد ناجح، بفضل ما تتيحه للمبنى نذكر أهمها:
الحماية من الآثار السلبية للبيئة: لأنها ذات عزل جيد وفق معايير عالية ويشمل أنواع العزل التالية العزل الحراري والصوت والرياح وحتى التساقط من أمطار وثلوج كما تمنع وصول أي نوع من الملوثات الأخرى.
متطلبات الربط أو العزل: إذا تكلمنا عن الربط فهي ممتازة في توفير الإضاءة من الشمس والتهوية الطبيعية وأيضاً من ناحية الإطلالة الواسعة على الخارج والتواصل بين الأشخاص و العالم الخارجي في المقابل لها ميزات عزل لتحفظ الخصوصية البصرية وأيضاً الصوتية بضغطة واحدة عند الحاجة.
تجسد بوضوح وظيفة المبنى: في الأنماط الكلاسيكية كانت الواجهات على نفس الشاكلة رغم تعدد وإختلاف وظائفها، المصممين والمهندسين أوجدوا حلولاً لهذه المشكلة بحيث يفكر المشمم في بداية المشروع بأفضل طريقة يجسد بها وظيفة المبنى حيث الان هذا التوجه أصبح مطلب أساسي يطلبه صاحب المشروع.
الواجهات المعمارية الحديثة والمعاصرة لم تعد تصمم لأسباب تظهر المبنى والعمارة بشكل فخم وجميل، بل تعدت ذلك لتصبح عنصر أكثر وظيفية اتجاه الهدف من التشييد واتجاه الراحة التي يمدها للقاطنين به، كما هي ذات توجهات بيئية لذلك إن كنت مهندس لا بد من وضع ذلك في عين الاعتبار وإن كنت صاحب مشروع أصبحت لديك رؤيا شاملة بما يتوجب عليك طلبه من المهندس الذي اخترته.
الى هنا انتهت رحلتنا مع الواجهات المعمارية الحديثة وقد ترغب فى الاطلاع على معرض الاعمال للمهندسين على أونجينيرنج والمقارنة بين العديد من التصميمات, بل وطلب تصميم مشابه بتكلفة معقولة وبمتابعة مستمرة من الموقع من البداية حتى.